تعتبر تركيا من الدول العالمية التي تستقبل بشكل سنوي عددا كبيرا من الطلاب الأجانب الراغبين في استكمال دراستهم الجامعية بمختلف الجامعات والمعاهد التركية العامة والخاصة، نظراً لما تتميز به الدراسة من مميزات وإيجابيات لا تكاد تحصى في هذا البلد المتنوع والمميز.
وعلى هذا الأساس، تعمل السلطات الحكومية التركية كل ما في وسعها من أجل تقديم أحسن الخدمات والمناهج التعليمية للطلاب الأتراك والأجانب على حد السواء، دون تمييز أو تفريق بينهم على أساس عرقي أو ديني…، وهذا ما شجع الكثير من الطلاب الدوليين على تفضيل تركيا كوجهة دراسية دون غيرها من الوجهات العالمية المعروفة والمشهورة.
بحيث يدرس داخل تركيا ما يقارب أو يزيد عن نصف مليون( 250 ألف) طالب أجنبي بسائر الأسلاك الجامعية (البكالوريوس، الماجستير، الدكتوراه)، وكذا فئة الباحثين الأكاديميين، بمختلف التخصصات والمسارات التي توفرها وزارة التعليم العالي التركية.
لماذا تركيا دون غيرها؟
تتميز الدراسة في الجامعات التركية والمعاهد سواء التابعة للحكومة أو للقطاع الخاص، بمجموعة من المميزات والإيجابيات التي تجعل العديد من طلاب دول العالم يختارون بلاد الأناضول لاستكمال دراساتهم العليا، خاصة الطلاب والطالبات من العالم العربي والإسلامي، وذلك لاعتبارات عديدة ومتعددة، ويمكن ترتيبها على الشكل التالي:
القرب الجغرافي:
تقع الجمهورية التركية في مكان استراتيجي مهم جدا، مكنها من لعب أدوار اقتصادية وتجارية كبيرة، وكذا تاريخية مهمة، أبرزها، قيادة العالم الإسلامي أيام الإمبراطورية العثمانية. ويعد القرب الجغرافي أحد أهم الأسباب التي تدفع الطلبة العرب إلى تفضيل تركيا على غيرها، بحكم قربها من الدول العربية والإسلامية. كما أن هذا العامل الأساسي يؤثر بشكل كبير على أسعار تذاكر السفر سواء في الجو أو البر والبحر. بحيث، أن سعر التذكرة إلى "بيجين" عاصمة الصين على مثن الطائرة مثلا، ليس هو نفس السعر إلى مدينة إسطنبول التركية على سبيل المثال لا الحصر.
انخفاض تكاليف الدراسة:
قبل أن يتوجه أي طالب يريد أن يستكمل دراسته الجامعية خارج بلده الأم، أول شيء يقوم بتفقده هو أسعار وتكاليف التخصص التي يرغب في دراسته، التي تختلف من جامعة إلى أخرى ومن تخصص إلى آخر. وتشتهر تركيا بأن تكاليف الدراسة فيها منخفضة جدا مقارنة مع نظيراتها من الدول المشهورة عالميا مثل أمريكا أو كندا، أو بريطانيا…، بحيث أنها تتراوح في الجامعات التركية ما بين 100 دولار أمريكي إلى 2000 دولار أمريكي بالجامعات الحكومية، وبين 2500 إلى 15000 دولار أو أكثر بالجامعات الخاصة. وهذه الأسعار ممكن أن تنخفض أو تلغى بشكل كامل في حالة الحصول على منحة دراسية كاملة أو جزئية.
انخفاض تكاليف المعيشة:
تشتهر تركيا بأنها دولة تحقق اكتفاء ذاتي من حيث المواد الغذائية الأساسية، وتوصف بأنها تأكل مما تزرع، وذلك راجع إلى السياسة الزراعية المتطورة التي نهجتها مختلف الحكومات التركية، وبسبب خصوبة الأراضي التركية التي لا توجد فيها صحراء. كل هذه العوامل ساعدت على أن تكون تكاليف المعيشة رخيصة ومناسبة لكافة المستويات الصغيرة والمتوسطة داخل البلاد. بحيث أن المنتجات التركية رخيصة الثمن وعالية الجودة في نفس الوقت. ويكفيك فقط 200 دولار أمريكي بشكل شهري شاملة السكن والمأكل والمواصلات، حتى تعيش حياة جامعية مستقرة داخل تركيا، خاصة في المدن الصغيرة، أو حتى في بعض الأحياء الجانبية بالمدن الكبرى مثل إسطنبول او أنقرة…
جودة التعليم:
تحتل تركيا مراتب متقدمة عالميا من حيث جودة التعليم. وذلك نتيجة المجهودات الكبيرة التي بدلتها السلطات التركية من أجل الارتقاء بالمدارس والجامعات في تركيا، لتقديم مستوى تعليمي راق يستجيب للمعايير الدولية أو يتفوق عليها. وتحتل تركيا المرتبة الواحدة والستين عالمياً من حيث جودة التعليم من أصل 140 دولة، حسب إحصائيات المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره السنوي الصادر سنة 2018.
تنوع الجامعات وكثرة التخصصات والمسارات:
تعتبر تركيا من الدول المتقدمة عالميا من حيث عدد الجامعات، بحيث أنها تتوفر على أزيد من 208 جامعة حكومية وخاصة، موزعة في كامل أقاليم وولايات البلاد الواحدة والثمانين. بحيث لا تكاد تجد مدينة تركية دون جامعة أو جامعتين. وتحظى ولاية إسطنبول الكبرى بحصة الأسد من عدد الجامعات. كما أن تركيا تحتل المرتبة الأولى على المستوى الأوروبي من حيث عدد الطلاب الجامعيين، بنسبة تزيد عن 8 مليون طالب جامعي. يدرسون أزيد من 45 ألف تخصص جامعي.
الجامعات والشهادات معترف بها عالميا:
يلجأ الكثير من الطلبة الأجانب خاصة العرب، إلى تركيا من أجل الدراسة، وذلك راجع إلى أن الجامعات التركية الحكومية والخاصة معترف بها أوروبيا وعالميا، وفق نظام التقييم الذي يطبقه الاتحاد الأوروبي وفق الساعات المعتمدة. بحيث أن تركيا تحتل المركز الثاني على مستوى العالم من حيث الوصول إلى التعليم الجامعي بنسبة 95 بالمئة متفوقة بذلك على كثير من الدول الأوربية من بينها ألمانيا وفرنسا…، وتصنف الجامعات التركية ضمن أفضل 600 جامعة عالمية، على رأسها جامعة إسطنبول التقنية التي أسسها السلطان مصطفى الثالث، وجامعة الشرق الأوسط…
سهولة الإجراءات القانونية:
مما يشجع الكثير من الطلبة الأجانب على اختيار تركيا كوجهة دراسية، هو أن السلطات التركية لا تصعّب من الإجراءات القانونية اللازمة التي يحتاجها الطالب الأجنبي الذي يرغب في استكمال دراسته الجامعية بإحدى الجامعات التركية، ومنه مثلا أن السلطات التركية لا تشترط التوفر على حساب بنكي مغلق مثل ما تشترطه الدول الأخرى كأمريكا، كندا، فرنسا، وإسبانيا…، بحيث أن الأخيرة مثلا تشترط توفر الطالب على حساب بنكي مغلق فيه ما لا يقل 8500 يورو، وكذا الضامن الذي يستوجب أن يكون أحد أفراد أسرته المقربين.
إمكانية الحصول على منحة:
تقدم الحكومة التركية بشكل سنوي، آلاف المنح الدراسية للطلاب الأجانب الذين يرغبون في استكمال دراستهم الجامعية بإحدى الجامعات الحكومية التركية. بحيث أنها توفر أزيد من 4000 منحة دراسية ممولة بشكل كامل، تشمل السكن والمأكل والإعفاء من الرسوم الجامعية، بالإضافة إلى حصول الطلاب الدوليين على بطاقة مواصلات منخفضة التكلفة، وكذا راتب شهري يختلف من مرحلة إلى أخرى...، هذا بالإضافة إلى المنح التي تقدمها الجامعات الخاصة للمتفوقين الذين تحصلوا على نتائج عالية. هذا السبب هو الذي يشجع الكثير من الطلاب على الدراسة في تركيا، خاصة الذين ينحدرون من أسر فقيرة ومتوسطة.
التبادل الطلابي (الايراسموس):
أحد العوامل الرئيسية التي تدفع العديد من الطلاب الأجانب إلى تفضيل تركيا دون غيرها، هو أن الجامعات التركية توفر ما يسمى ببرنامج التبادل الطلابي، أو ما يصطلح عليه في اللغة الإنجليزية "الايراسموس". بحيث أن تركيا تعتبر من بين الدول القليلة الناجحة في العالم من حيث التبادل التعليمي سواء على مستوى الطلاب أو هيئة التدريس. مثل برنامج الفارابي ومولانا…، وتسمح هذه البرامج بانتقال طلاب الجامعات التركية إلى الجامعات الأوروبية والأمريكية من أجل استكمال دراستهم الجامعية أو فصل دراسي معين. والعكس صحيح.
جمالية المكان ورحابة السكان:
تصنف تركيا من ضمن الوجهات السياحية والترفيهية المشهورة عالميا، بحيث يزورها أزيد من 55 مليون سائح كل سنة من مختلف بقاع العالم، حسب إحصائيات رسمية صدرت عن وزارة السياحة التركية. وذلك نتيجة المناظر الطبيعية الخلابة التي يمتاز هذا البلد المتنوع، وكذا المآثر التاريخية والأماكن القديمة. هذا بالإضافة إلى كون الشعب التركي شعب يتميز بكرم الضيافة والترحاب. وهذا ما يجعل من هذا البلد مكانا مناسبا للدراسة، بعيدا عن مشاكل العنصرية والاسلاموفوبيا المتواجدة في الدول الغربية بشكل كبير. والتي تتنامى يوما بعد يوم.